حكاية ذكاء صياد من الثراث الشعبي الفلسطيني

كان يا ما كان في قديم الزمان ملك خرج  مع وزيره يتنزهان على شاطئ البحر ، فوجدا في طريهما صيادا مرقّع الثياب ، يرمي شباك الصيد في مياه البحر، ويغني فرحا مسرورا غير عابئ بشيء من هموم الدنيا .

قال الملك لوزيره : هذا صياد قوي وذكي جدا ، هيا بنا لنتعرف إليه عن قرب ، اقترب الملك ووزيره من الصياد وألقيا عليه التحية فرد عليهما .

قال الملك للصياد : كيف حالك ؟

قال الصياد : حالي كما تراني ، أرمي شباكي ، وأصيد أرزاقي ، وأعود إلى عيالي ، مطمئنا بالي ، فأنا ملك مثلما أنت ملك . 

قال الملك : لا ينبغي أن يكون في مملكتي ملك غيري ، فأنا ملك البلاد ولا ملك ينازعني ملكي .

قال الصياد : أنت ملك على عرش مملكتك ، وأنا ملك البحر والصيد على عرش شباكي 

أراد الملك أن يختبر الصياد فقال له : أريد أن أسألك فإن أجبتني عفوت عنك وإن لم تجبني قطعت رأسك .

قال الصياد أنا رجل فقير وخلفي أبناء ، اسأل يا ملك الزمان وزيرك ، فهو أجدر بالإجابة مني .

رفض الملك وأصرّ على سؤال الصياد وقال له :

أيها الصياد :

كم عدد نجوم السماء ؟ 

وما عمل ربك الآن ؟

قال الصياد للملك : لا أجيبك حتى تعطني الأمان يا ملك الزمان .

قال الملك : لك مني العهد والأمن والأمان .

قال الصياد للملك : يا ملك الزمان احلق شعرك ، وضعه على الطاولة هنا أمامي ، ثم ابدأ بعدّه عدّا ، شعرة تلو شعرة ، حينئذٍ تعرف عدد نجوم السماء .

وأما عمل ربي الآن : فلا أجيبك حتى ينزل وزيرك عن حصانه الذي يعتليه ، ثم يخلع كل ملابسه ويلبس ملابسي .

أمر الملك أن يفعل وزيره ذلك ، ففعل الوزير ما أمر به الملك . 

خلع الصياد ملابسه ، ولبس ملابس الوزير، ثم ركب على حصان الوزير وقال :

يا ملك الزمان إن عمل ربي الآن أن يغيّر ويبدّل في ثوان .

وفجأة مرّ طير من فوق رؤوسهم يقول كاك ... كاك ... كاك ...

فقال الملك لوزيره : ماذا يقول الطير ؟ قال : لا أعلم 

قال الملك للصياد : ماذا يقول الطير ؟

قال الصياد :أمّا كاك الأولى فمعناها ، سبحان من لا يعرف سرّ المخلوق إلا هو .

وأمّا كاك الثانية فمعناها ، سبحان من لا يعلم العلوم إلا هو .

وأمّا كاك الثالثة فمعناها ، سبحان من لا يملك الأرزاق والأعمار إلا هو 

قال الملك للصياد : مكانك على ظهر الجواد ولا تنزل ، وأنت أيها الوزير مكانك على شاطئ البحر ولا تعلو.
شكرا لك على التعليق